الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم
أو أراد بجنات غير النخل من الشجر، لأن اللفظ صالح لهذه الإرادة، ثم عطف عليه ونخل، ذكرهم تعالى في أن وهب لهم أجود النخل وأينعه، لأن الإناث ولادة التمر، وطلعها فيه لطف، والهضيم: اللطيف الضامر، والبرني ألطف من طلع اللون.ويحتمل اللطف في الطلع أن يكون بسبب كثرة الحمل، فإنه متى كثر لطف فكان هضيمًا، وإذا قل الحمل جاء التمر فاخرًا.ولما كانت منابت النخل جيدة، وكان السقي لها كثيرًا، وسلمت من العاهة، كبر الحمل بلطف الحب.وقرأ الجمهور: {وتنحتون}، بالتاء للخطاب وكسر الحاء؛ وأبو حيوة، وعيسى، والحسن: بفتحها، وتقدم ذكره، وعنه بألف بعد الحاء إشباعًا.وعن عبد الرحمن بن محمد، عن أبيه: بالياء من أسفل وكسر الحاء.وعن أبي حيوة، والحسن أيضًا: بالياء من أسفل وفتح الحاء.وقرأ عبد الله، وابن عباس، وزيد بن علي، والكوفيون، وابن عامر: فارهين بألف، وباقي السبعة: بغير ألف؛ ومجاهد: متفرهين، اسم فاعل من تفره، والمعنى: نشطين مهتمين، قاله ابن عباس.وقال مجاهد: شرهين.قال ابن زيد: أقوياء.قال ابن عباس أيضًا، وأبو عمرو بن العلاء: أشرين بطرين.وقال عبد الله بن شداد: بمعنى مستفرهين، أي مبالغين في استجادة المغارات ليحفظوا أموالهم فيها.وقال قتادة: آمنين.وقال الكلبي: متجبرين.وقال خصيف: معجبين.وقال عكرمة: ناعمين.وقال الضحاك: كيسين.وقال أبو صالح: حاذقين.قال ابن بحر: قادرين.وقال أبو عبيدة: مرحين.وظاهر هذه الآيات أن الغالب على قوم هود: اللذات الخيالية من طلب الاستعلاء والبقاء والتفرد والتجبر، وعلى قوم صالح: اللذات الحسية من المأكول والمشروب والمساكن الطيبة الحصينة.{ولا تطيعوا}: خطاب الجمهور قومه.والمسرفون: هم كبراؤهم وأعلامهم في الكفر والإضلال، وكانوا تسعة رهط.{يفسدون في الأرض}: أي أرض ثمود.وقيل: في الأرض كلها، لأن بمعاصيهم امتناع الغيث.ولما كانوا يفسدون دلالته دلالة المطلق، أتى بقوله: {ولا يصلحون}، فنفى عنهم الصلاح، وهو نفي لمطلق الصلاح، فيلزم منه نفي الصلاح كائنًا ما كان، فلا يحصل منهم صلاح ألبتة.والمسحر: الذي سحر كثيرًا حتى غلب على عقله.وقيل: من السحر، وهو الرئة، أي أنت بشر لا تصلح للرسالة.ويضعف هذا القول قولهم بعد: {ما أنت إلا بشر مثلنا}، إذ تكون هذه الجملة توكيدًا لما قبلها، والأصل التأسيس.ومثلنا: أي في الأكل والشرب وغير ذلك من صفات البشر، فلا اختصاص لك بالرسالة.{فأت بآية}: أي بعلامة على صحة دعواك، وفي الكلام حذف تقديره: قال آتي بها، قالوا: ما هي؟ {قال هذه ناقة} روي أنهم اقترحوا عليه ناقة عشراء تخرج من هذه الصخرة تلد سقبًا.فقعد صالح يتفكر، فقال له جبريل عليه السلام: صل ركعتين وسل ربك الناقة، ففعل؛ فخرجت الناقة وبركت بين أيديهم، ونتجت سقبًا مثلها في العظم.وتقدم في الأعراف طرف من قصة ثمود والناقة، والشرب النصيب المشروب من الماء نحو السقي.وقرأ ابن أبي عبلة: شرب، بضم الشين فيهما، وظاهر هذا العذب أنه في الدنيا، وكذا وقع ووصف بالعظم لحلول العذاب فيه، ووصفه به أبلغ من وصف العذاب به، لأن الوقت إذا عظم بسبب العذاب، كان موقع العذاب من العظم أشد.ونسب العقر إلى جميعهم، لكونهم راضين بذلك، حتى روي أنهم استرضوا المرأة في خدرها والصبيان، فرضوا جميعًا.{فأصبحوا}، لا ندم توبة، بل ندم خوف أن يحل بهم العذاب عاجلًا، وذلك عند معاينة العذاب في غير وقت التوبة.أصبحوا وقد تغيرت ألوانهم حسبما كان أخبرهم به صالح عليه السلام، وكان العذاب صيحة خمدت لها أبدانهم، وانشقت قلوبهم، وماتوا عن آخرهم، وصب عليهم حجارة خلال ذلك.وقيل: كانت ندامتهم على ترك عقر الولد، وهو قول بعيد.وأل في: {فأخذهم العذاب} للعهد في العذاب السابق، عذاب ذلك اليوم العظيم. اهـ.
وقال الزهري: هو اللطيف أول ما يخرج، وقال الزجاج: هو الذي رطبه بغير نوى وروي عن الحسن.وقيل: هو المتدلى لكثرة ثمره، وقيل: هو النضيج من الرطب وروي عن عكرمة، وقيل: الرطب المذنب وروي عن يزيد بن أبي زياد، فوصف الطلع بالهضيم إما حقيقة أو مجاز وهو حقيقة وصف لثمره، وجعل بعضهم على بعض الأقوال الطلع مجازًا عن الثمر لأوله إليه، والنخل اسم جنس جمعي يذكر كما في قوله تعالى: {كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ مُّنقَعِرٍ} [القمر: 20] ويؤنث كما هنا، وليس ذلك لأن المراد به الاناث فإنه معلوم بقرينة المقام ولو ذكر الضمير.وإفراده بالذكر مع دخوله في الجنات لفضله على سائر أشجارها أو لأن المراد بها غيره من الأشجار.{وَتَنْحِتُونَ مِنَ الجبال بُيُوتًا فارهين} أي أشرين بطرين كما روي عن ابن عباس.ومحمد بن العلاء، وجاء في رواية أخرى عن ابن عباس تفسيره بنشطين مهتمين، وقال أبو صالح: أي حاذقين وبذلك فسره الراغب.قال ابن زيد: أي أقوياء، وأنت تعلم أن هذه الجملة داخلة في حيز الاستفهام السابق والأوفق به على القول الأول القول الأول وعلى القول الثاني كل من الأقوال الباقية وكلها سواء في ذلك إلا أنه يفهم من كلام بعضهم أن الفراهة حقيقة في النشاط مجاز في غيره وعليه يترجح تفسيره بنشطين إذا أريد التذكير.وقرأ أبو حيوة وعيسى والحسن {تَنْحِتُونَ} بفتح الحاء وقرىء {تنحاتون} بألف بعد الحاء إشباعًا، وعن عبد الرحمن بن محمد عن أبيه أنه قرأ: {وَكَانُواْ يَنْحِتُونَ} بالياء آخر الحروف وكسر الحاء، وعن أبي حيوة والحسن أيضًا أنهما قرآ بالياء التحتية وفتح الحاء وقرأ عبد الله وابن عباس وزيد بن علي والكوفيون وابن عامر {فارهين} بالف بعد الفاء، وقراءة الجمهور أبلغ لما ذكروا في حاذر وحذر وقرأ مجاهد {متفرهين}.
|